لينين والمادية
مادلين غراويتز
ترجمة محمد الطيب قويدري
11. – لينين[1] (1870-1924). – لينين بالعودة إلى ماركس يهذِّب مواقف إنجلز. فهو يتناول في المادية والتجريبية (1908) وفي دفاتر حول جدلية هيغل[2]، مشكلات المعرفة. بالنسبة له المادية والمثالية هما مسلمتان[3] فلسفيتان، بمعنى أنها إثباتات ضرورية من دون دليل، تتعلق بتأويلين متعارضين للعالم لكل منهما تاريخه الخاص به. ولا يمكن لهذه وتلك أن تزولا إلا معا، حين يكتمل المزج بين العلوم الخاصة، العلم والفلسفة، لكن هذا ليس سوى توجيه… أما الهدف فهو إلى اللآنهاية.
12. – خاتمة حول المادية. – لكي نختم الكلام هنا نقول: إن الجدلية المادية تفضل المضمون: الوجود يحدد الفكر. – إنها تحليل يتناول حركة هذا المضمون، الذي تحاول أن تضع قوانين تطوره، ضمن صيغة لنظرية في المعرفة، أو لتحليل محسوس. هي ليست عقيدة البتة، أو نظاما مغلقا، لكنها دوما وسيلة بحث وعمل.
أخيرا إذا كانت المادية التاريخية بفضل تحاليلها الاقتصادية المحسوسة، أعادت إدخال المعيش ضمن الجدلية وقد جردته من شكله المثالي، فإن الصلة بين المحسوس والمجرد تسمح للمادية الجدلية بأن تتجاوز كلا المثالية والمادية الميكانيكية معا.
وإذا كانت عقول ممتازة خلطت بين التضاد والتعارض والتبادل والتكامل وبين الفكر الجدلي، أي مع نظرية التناقضات، فإن هذا الإرباك أدى إلى التعسف وإلى انحطاط مفهوم المادية الجدلية في البلدان التي أرادت استخدامه وتعميمه. على هذا النحو فإن كل معارضة تصبح جدلية في بلدان المعسكر الشرقي وخصوصا في الصين. كل معارضة تصبح جدلية[4].[5]
[1] فلاديمير إليتش أوليانوف.
[2] (21).
[3] المسلمة هي فعل، وهو يتطلب موقفا، أي الدخول كطرف، كما سبق أن أشار إليه ماركس.
[4]راجع (24) خصوصا الفصل الرابع: جسر الجدلية. (الديالكتيك).
[5] شغلت مشكلة العلاقة بين المنطق والجدل السوفييت حوالي عام 1930. لتجنب اختزال الجدل إلى المنطق، استوعبت الدوغماتية المنطق في الديالكتيك. ولكن خلال هذا الوقت، كان علماء المنطق يبتكرون أدوات جديدة للمعرفة والعمل في منطق العمليات، وعلم التحكم الآلي، ونظرية اللعبة والمعلومات. لولا الضرورات العسكرية فقط، كان على الديالكتيكيين أن يمتثلوا لهذه المطالب الجديدة للمنطق الذي أرادوا تجاهله. عندها ولد التمييز بين التناقض والعداء أو التناقض الذي لا يمكن التغلب عليه من أجل السبب. هذا التمييز، الذي لا يتضمن معيارًا، يجعل من الممكن توصيف المواقف الحقيقية وفقًا للاحتياجات السياسية وإضفاء الشرعية، على سبيل المثال، على التعايش السلمي.
تكمن الصعوبة في التوفيق بين الحركة الديالكتيكية ومستوى المنطق، أي مستوى الحياة، بقدر ما يتوافق مع مبدأ الهوية ويقدم ثباتًا معينًا: هذا الجدول هو بالفعل جدول، وله هيكله، وله أربعة أقدام. يقترح Lefebvre تخصيص المنطق لدراسة شروط الاستقرار (النسبي)، دراسة ملموسة، في حين أن الديالكتيك سيتعامل مع الصيرورة: الاختفاء والتشكيل، النفي وخلق البنيات. “هذا الإعداد للمجالات المنهجية لا يفصل بينها، بل يمنعها من الخلط ويترك مشكلة التعبير عنها والانتقال من واحد إلى الآخر مفتوحة. “