استكشاف واكتشافات

مهمة جديدة لناسا نحو قمر المشتري “أوروبا”

تهدف مهمة ناسا-القمر-أوروبا، المقرر إطلاقها في أكتوبر 2024، إلى استكشاف القمر الجليدي لكوكب المشتري أوروبا، مع تركيز الاهتمام على إمكانية قدرة هذا الأخير على دعم الحياة.

 الهدف العلمي الأساسي للمهمة هو استكشاف المحيطات الموجودة تحت سطح أوروبا، والتحقق مما إذا كان هذا القمر البعيد يمكن أن يحتضن ظروفًا داعمة للحياة.

 تجسد هذه المبادرة، التي تحمل اسم يوروبا  كليبر، السعي لفهم القشرة الجليدية للقمر ومحيطه، وتكوينه،  وجيولوجيته، مما يثري بحث الإنسان عن الحياة خارج الأرض.

ستدور مركبة  يوروبا كليبر، المُحسَّنة لالتقاط صور ومقاطع فيديو مذهلة، حول كوكب المشتري، وستقوم بتحليقات متكررة للالقتراب من أوروبا.

 وهذا سيسمح للعلماء بجمع بيانات مهمة، مما يمهد الطريق لاكتشافات رائدة حول  أحد الأجرام السماوية الأكثر إثارة للاهتمام في نظامنا الشمسي.

المركبة الفضائية يوروبا كليبر

تصميم وقدرات المركبة الفضائية يوروبا كليبر

التصميم الهيكلي والحماية من الإشعاع

تم تصميم جهاز Europe Clipper ليتحمل البيئة الإشعاعية القاسية لكوكب المشتري. يعمل القبو القوي ذو الجدران السميكة كدرع إشعاعي لحماية المكونات الحيوية للمركبة الفضائية.

لم يتم تصميم هذه المركبة الفضائية من أجل المتانة فقط. ولكن أيضًا للبحث العلمي المكثف، وهو مجهز بمجموعة متطورة من تسعة أدوات موضوعة داخل قبو من الألومنيوم والتيتانيوم لتوفير حماية إضافية من الإشعاع.

الأجهزة العلمية و الاتصالات:

ويتميز بأدوات علمية متقدمة بما في ذلك كاميرا متوسطة وواسعة الزاوية، ومطياف رسم خرائط الأشعة تحت الحمراء، ورادار لاختراق الجليد من بين أشياء أخرى، والتي تعتبر ضرورية للفحص التفصيلي للسطح الجليدي والمحيط تحت سطح أوروبا.

يتم تسهيل الاتصال بالأرض من خلال هوائي طبقي يبلغ طوله 10 أقدام، مما يضمن إرسال البيانات التي تم الحصول عليها أثناء المهمة مرة أخرى لتحليلها.

الإطلاق ومسار المهمة:

من المقرر إطلاقها في أكتوبر 2024 على متن صاروخ   SpaceX Falcon Heavy، وستستخدم المركبة الفضائية مساعدة الجاذبية من المريخ والأرض للوصول إلى كوكب المشتري، وتخطط لوصولها إلى أوروبا في أبريل 2030.

تتضمن استراتيجية المهمة الدوران حول كوكب المشتري وإجراء رحلات جوية متعددة حول أوروبا، مما يقلل من التعرض للإشعاع ويحسن العائد العلمي من خلال تغيير زوايا المراقبة ومسارات الطيران.

أهداف الرحلة والمهمة

أهداف الرحلة والمهمة لـ Europe Clipper

المسار والتحليق:

من المقرر إطلاق يوروبا كليبر في أكتوبر 2024، بمسار يتضمن مساعدة الجاذبية من المريخ في فبراير 2025 والأرض في ديسمبر 2026، لتصل في النهاية إلى كوكب المشتري في أبريل 2030. ستجري المهمة ما يصل إلى 50 تحليقًا بالقرب من أوروبا، بارتفاعات تصل إلى منخفض يصل إلى 25 كيلومترًا، مما يسمح بإجراء أعمال مسح جيولوجية واسعة ومتنوعة لسطح القمر.

الأهداف العلمية:

الهدف الأساسي هو تقييم إمكانات أوروبا لدعم الحياة. يتضمن ذلك تحقيقات تفصيلية لتحديد مقدار سمك القشرة الجليدية لأوروبا، وتكوينها، وخصائص محيطها تحت السطح. وستقوم المهمة أيضًا بالتحقق من وجود الماء تحت الطبقة الجليدية وتحليل التفاعل بين السطح والبحر أدناه.

جمع البيانات و تحليلها:

طوال مهمتها، ستقوم أوروبا كليبر بجمع كمية هائلة من البيانات، تقدر قيمتها بـ 180 كيلوغرام، والتي ستكون حاسمة في فهم الإمكانات البيولوجية الفلكية لأوروبا. وسيغطي كل تحليق قطاعات مختلفة، مما يوفر مسحًا طبوغرافيًا عالميًا متوسط ​​الجودة، بما في ذلك قياسات سمك الجليد وتكوين السطح.

الأدوات العلمية وأهداف البحث

تم تصميم الأدوات العلمية الموجودة على متن سفينة أوروبا كليبر بدقة لاستكشاف وتحليل بيئة أوروبا، مما يوفر بيانات مهمة لفهم قدرتها على دعم الحياة.

فيما يلي الأدوات الرئيسية وأهدافها البحثية المحددة:

أدوات التصوير والتحليل الطيفي:

نظام التصوير الأوروبي (EIS): يستخدم الكاميرات ذات الزاوية الواسعة والضيقة لالتقاط صور مجسمة عالية الدقة بالألوان، مما يساعد في الدراسات الجيولوجية والمورفولوجية.

رسم خرائط مطياف التصوير لأوروبا (MISE): سيحدد مطياف الأشعة تحت الحمراء هذا ويرسم خريطة لتوزيع الجليد المائي والأملاح والمواد العضوية، مع تحديد مناطق النشاط البيولوجي المحتمل.

مطياف أوروبا للأشعة فوق البنفسجية (Europa-UVS): يلتقط الضوء فوق البنفسجي لتحليل تكوين الغلاف الجوي والسطح، والكشف عن الأعمدة النشطة.

أدوات  تحليل باطن الأرض و المحيطات:

رادار لتقييم وسبر القمر “أوروبا” : من المحيط إلى السطح القريب

(REASON)  هو اسم هذا الرادار المفترض أن يخترق الجليد، ويقوم باستكشاف سمك وبنية القشرة الجليدية لأوروبا ، بحثا عن البحيرات أو المحيطات التي يتوقع العلماء وجودها تحت السطح.

مقياس المغناطيسية أوروبا كليبر (ECM): مصمم لتأكيد وجود المحيط تحت سطح أوروبا وجمع البيانات عن عمقه وملوحته.

أداة علوم الجاذبية/الراديو: تقيس قوة جاذبية أوروبا لاستنتاج تفاصيل حول بنيتها الداخلية، مما يعزز فهمنا لمحيطها تحت السطح.

تحليل تكوين الغلاف الجوي والسطحي :

مطياف الكتلة لاستكشاف الكواكب/أوروبا (MASPEX): سيقوم هذا الجهاز بتحليل التركيب الجزيئي للغلاف الجوي الرقيق لأوروبا وأي أعمدة مكتشفة، مما يوفر نظرة ثاقبة للتبادلات الكيميائية بين السطح والمحيط.

محلل الغبار السطحي (SUDA): يدرس تكوين جزيئات الغبار من سطح أوروبا، ويقدم أدلة حول النشاط الجيولوجي للقمر والفتحات الحرارية المائية المحتملة.

تعتبر هذه الأدوات محورية في تحقيق الأهداف العلمية للمهمة، والتي تشمل تحديد مدى صلاحية أوروبا للسكن وفهم ديناميكياته الجيولوجية، وخصائصه المحيطية، وخصائص القشرة الجليدية.

التحديات والحلول

التحديات والحلول المبتكرة في مهمة ناسا-القمر-أوروبا

الظروف البيئية القاسية:

تحديات الإشعاع: تشكل البيئة الإشعاعية المكثفة حول كوكب المشتري مخاطر كبيرة على أنظمة المركبات الفضائية. وللتخفيف من ذلك، يحتوي جهاز Europe Clipper على قبو إشعاعي مصمم خصيصًا، ويتميز بجدران من سبائك الألومنيوم بسمك 0.3 بوصة لحماية الأجهزة الإلكترونية الحساسة.

درجة الحرارة والطاقة الشمسية: ستواجه المركبة الفضائية درجات حرارة منخفضة للغاية تصل إلى -230 درجة مئوية وتشميعًا شمسيًا منخفضًا يبلغ 50 وات/م2. ولمعالجة هذه المشكلات، سيتم تزويد “أوروبا كليبر” بألواح شمسية قادرة على إنتاج 150 واط بشكل مستمر عند توجيهها نحو الشمس.

تقنيات الملاحة وجمع البيانات:

أنظمة الملاحة المتقدمة: باستخدام تقنيات الملاحة البصرية على متن الطائرة، سوف يتنقل CubeSat على طول شقوق سطح أوروبا المظللة لالتقاط صور مفصلة بدقة تتراوح بين 0.3 إلى 2 م/بكسل.

القدرة على تحليل الأعمدة: تم تصميم CubeSat لأخذ عينات وتحليل عينات الأعمدة المحتملة، مما يعزز قدرة المهمة على دراسة المحيط تحت السطح وإمكاناته لدعم الحياة.

استراتيجيات الهبوط والتأثير:

مفاهيم الهبوط المبتكرة: تستكشف المهمة مفاهيم الهبوط المختلفة، بما في ذلك مركبات الهبوط ذات الوسائد الهوائية المصطدمة ومركبات الهبوط الناعمة، لتوصيل الحمولات بأمان إلى سطح أوروبا على الرغم من عدم وجود جو مناسب للفرملة الهوائية.

استراتيجية نهاية المهمة: تتوج المهمة بقيام CubeSat بإنشاء عمود اصطدام اصطناعي عند اصطدامه بسطح أوروبا، والذي سيتم بعد ذلك تحليله لمعرفة تركيب المواد بواسطة الأجهزة الموجودة على متن المركبة الفضائية الرئيسية.

من خلال مهمة ناسا-القمر-أوروبا الطموحة، تقف البشرية على أعتاب كشف أسرار الحياة خارج الأرض. تهدف رحلة يوروبا كليبر المخططة بدقة، والمجهزة بأدوات علمية متطورة، إلى التعمق في القشرة الجليدية لأوروبا، واستكشاف محيطاتها تحت السطح وجيولوجيتها. إن النهج الشامل الذي اتبعته البعثة لتقييم مدى صلاحية أوروبا للسكن، بدءًا من تحليلها المتعمق لتكوين القمر وحتى جمع البيانات المحورية حول غلافه الجوي وسطحه، يؤكد على خطوة حاسمة إلى الأمام في سعينا لفهم نظامنا الشمسي ومن خلاله الكون.

تمتد أهمية هذه المهمة إلى ما هو أبعد من مجرد الفضول العلمي. إنه يمهد الطريق لمهمات استكشافية مستقبلية، ومن المحتمل أن يقدم رؤى جديدة حول الظروف الضرورية للحياة. من خلال رسم خريطة للمناطق المجهولة في أوروبا ومواجهة البيئات الفضائية القاسية بحلول مبتكرة، لا تعرض المهمة براعة الإنسان فحسب، بل ترمز أيضًا إلى سعينا الدائم للمعرفة.

 أكيد أن العلماء في اختصاصات كثيرة سينتظرون ما ستكشف عنه مجريات هذه الرحلة نحو هذا القمر الجليدي التابع لكوكب المشتري الأكبر في نظامنا الشمسي، و سيتطلع الجميع إلى الآثار الأوسع لعلم الأحياء الفلكي ودوره في تحسين فهمنا لإمكانيات الحياة في الكون، و لجهود استكشاف المجهول.

https://europa.nasa.gov

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى